العربية
Perspective

عقد حزب المساواة الاشتراكية دورة صيفية دولية حول الأمن والأممية الرابعة

بين 2 و9 آب/أغسطس، عقد حزب المساواة الاشتراكية (الولايات المتحدة) دورته الصيفية التي تُعقد كل عامين، بحضور أعضاء من الحزب في الولايات المتحدة، إلى جانب مندوبين من جميع فروع اللجنة الدولية للأممية الرابعة (ICFI) والجماعات المتعاطفة معها.

كان موضوع دورة صيف 2025 هو 'الأمن والأممية الرابعة'، وهو التحقيق الذي بدأته اللجنة الدولية للأممية الرابعة في أيار/ مايو 1975 في اغتيال ليون تروتسكي، القائد المشارك للثورة الروسية ومؤسس الأممية الرابعة، والذي اغتيل على يد العميل الستاليني رامون ميركادر في 20 آب/أغسطس 1940. وكما كشف التحقيق، فإن جهاز المخابرات الستاليني (GPU) هو من خطط ونظم عملية الاغتيال من خلال تسلل عملاء منهجي إلى الحركة التروتسكية، بما في ذلك حزب العمال الاشتراكي في الولايات المتحدة.

نشر موقع الاشتراكية العالمية اليوم التقرير التمهيدي للمدرسة بعنوان 'مكانة الأمن والأممية الرابعة في تاريخ الحركة التروتسكية'، ألقاه ديفيد نورث، رئيس حزب المساواة الاشتراكية (الولايات المتحدة) وهيئة التحرير الدولية لموقع الاشتراكية العالمية. وسينشر الموقع، خلال الأسابيع المقبلة، فيديو ونص جميع المحاضرات التي أُلقيت في المدرسة.

على مدار سبعة أيام، استعرضت المدرسة الصيفية بالتفصيل تحقيق 'الأمن والأممية الرابعة'، واضعةً إياه في سياق المسار التاريخي للحركة التروتسكية. تحقق ذلك من خلال 29 محاضرة مكثفة، ألقى عدد كبير منها أعضاء جدد في الحركة. وكما أشار نورث في كلمته الافتتاحية: 'أمامنا أسبوع مليء بالتحديات. ستشمل المحاضرات كماً هائلاً من المواد المتعلقة بالتاريخ والسياسة، بل و القانون. لكننا نعيش في أوقات عصيبة وخطيرة، وستفرض الأحداث الموضوعية متطلبات هائلة على كادرنا'.

بدأت المدرسة بمحاضرات حول نظرية الثورة الدائمة لتروتسكي، والأسس الاستراتيجية لثورة أكتوبر 1917، وبرنامج الثورة الاشتراكية العالمية. رسّخت هذه المحاضرات استمرارية الترابط بين المنظور الذي قاد ثورة أكتوبر إلى النصر، و'نضال لينين الأخير' ضد النزعة القومية والبيروقراطية في الدولة السوفيتية، ونضال المعارضة اليسارية ضد الستالينية ونظرية 'الاشتراكية في بلد واحد'. ومن هنا، تتبعت المحاضرات العواقب الوخيمة والمروعة لرفض الستالينيين للاشتراكية الأممية . لقد مهدت خيانة الإضراب العام عام 1926 في بريطانيا، والثورة الصينية بين عامي 1925 و1927، والهزيمة الكارثية للطبقة العاملة الألمانية عام 1933، والخيانات في إسبانيا وفرنسا في العقد الرابع من القرن الماضي الطريق لانتصار الفاشية في أوروبا واندلاع الحرب العالمية الثانية.

وكان من بين المحاضرات ذات الأهمية الاستثنائية تلك التي وثقت التأثير الهائل الذي مارسته المعارضة التروتسكية للبيروقراطية الستالينية داخل الاتحاد السوفييتي حتى العقد الرابع من القرن العشرين.

تناولت المدرسة بعد ذلك حملة الإبادة السياسية التي شنّها ستالين ضدّ الطليعة الماركسية الثورية. وكانت محاكمات موسكو والإرهاب الأعظم في عامي 1937-1938 محور حملة تطهير واسعة النطاق استهدفت استئصال كل من بقي على قيد الحياة من ممثلي ثورة أكتوبر. اعتُقل، بين عامي 1935 و1940، ما قارب من مليوني شخص بتهم سياسية في الاتحاد السوفيتي، أُعدم منهم 688,503 رمياً بالرصاص. وأُبيد آلاف العمال الاشتراكيين والمثقفين من علماء فلك وعلماء أحياء وأطباء ومؤرخين وفلاسفة وموسيقيين وكتاب وشعراء.

وكان ليون تروتسكي، القائد المشارك لثورة أكتوبر ومؤسس الأممية الرابعة، الهدف الرئيسي لهذه الحملة الإرهابية. بعد عقد من الاضطهاد المتواصل وقتل العديد من أقرب مساعديه، بما في ذلك ابنه ليف سيدوف، ثم اغتيل تروتسكي في المكسيك في 20 آب/ أغسطس 1940 على يد عميل المخابرات السوفيتية رامون ميركادر.

قدم النصف الثاني من المدرسة سرداً مفصلاً لتحقيق الأمن والأممية الرابعة. 'مع بدء تحقيق الأمن والأممية الرابعة'، أوضح ديفيد نورث في مقدمته، 'انتقلت الحركة التروتسكية إلى الهجوم ضد البيروقراطيات المضادة للثورة'. بدأ التحقيق في مواجهة الافتراءات والاستفزازات والأكاذيب من المدافعين عن الستالينية، وأثبت، -على أساس الحقائق الموثقة بدقة، صحة الادعاءات التي قدمها.

واستعرضت المحاضرات كشف التحقيق عن عمليات شبكة من عملاء الغيبيو الذين عملوا داخل الأممية الرابعة وحولها قبل اغتيال تروتسكي، بما في ذلك القاتل ميركادر؛ ومارك زبوروفسكي، أهم عميل للغيبيو الذي كان مسؤولاً عن مقتل العديد من التروتسكيين البارزين، بمن فيهم إروين وولف وإيجناس رايس وسيدوف ورودولف كليمنت؛ وسيلفيا كالين، سكرتير زعيم حزب العمال الاشتراكي جيمس كانون؛ وجوزيف هانسن، أحد مساعدي تروتسكي في وقت الاغتيال، الذي أصبح لاحقاً مخبراً لمكتب التحقيقات الفيدرالي.

تناول المحاضرون نقاط تحول حاسمة في الأمن والأممية الرابعةمثل خلفية إنشائه في عام 1975؛ ونشر وثائق رئيسية كشفت عن عمليات عملاء التجسس في مؤامرة اغتيال تروتسكي؛ وكشف أدلة على اجتماعات زعيم حزب العمال الاشتراكي جوزيف هانسن مع كل من هيئة التجسس السوفيتية ومكتب التحقيقات الفيدرالي؛ واغتيال عضو رابطة العمال توم هينيهان عام 1977.

وتناولت ثلاث محاضرات بالتفصيل أصول وتطور قضية جيلفاند، التي بدأها آلان جيلفاند عام 1979، والذي طُرد من حزب العمال الاشتراكي لطرحه أسئلة حول علاقات هانسن بالتجسس السوفيتي ومكتب التحقيقات الفيدرالي وتستر الحزب على دور سيلفيا كالين كعميلة للتجسس السوفيتي. وفي مواجهة معارضة موحدة من قيادة حزب العمال الاشتراكي والدولة، سعى جيلفاند إلى إجبار الحكومة على الكشف عن عملائها وإزالتهم من الحزب. و قدم الإفادات التي أجريت خلال القضية أدلة لا يمكن دحضها على أن قيادة حزب العمال الاشتراكي كانت مخترقة من قبل عملاء الحكومة، وانتهت المحاكمة بإصدار شهادة هيئة المحلفين الكبرى التي أكدت أن كالين كان عميلاً لجهاز المخابرات العامة.

لم يكشف تحقيق 'الأمن والأممية الرابعة' عن عمليات الدولة الستالينية والإمبريالية فحسب، بل كشف أيضاً القوى السياسية التي سعت إلى عرقلتها وتشويه سمعتها. وكما أوضح نورث في تقريره التمهيدي:

كان الاهتمام بالتجربة التاريخية والمبادئ السياسية والأسس البرامجية للأممية الرابعة، التي شكلت أساس تكوين كوادر اللجنة الدولية، نقيضًا تامًا للبراغماتية الفجة والانتهازية وأجواء السخرية التي سادت حزب العمال الاشتراكي والأمانة العامة المتحدة البابلوية. ... لم يكن من الممكن إقناع قادة هذه المنظمات بالأدلة التي كشفتها اللجنة الدولية، مهما كانت دامغة.

بعد خمسين عاماً من بدء تحقيق 'الأمن والأممية الرابعة'، صمد هذا التحقيق أمام اختبار الزمن. و أكدت أدلة جديدة استنتاجاته وعززتها، بما في ذلك مواد نُشرت بعد تفكك الاتحاد السوفيتي. كشفت هذه الوثائق تفاصيل بالغة الأهمية في مؤامرة الاغتيال، مثل دور روبرت شيلدون هارت، عضو حزب العمال الاشتراكي الذي أُرسل إلى المكسيك للعمل كحارس، - و كان في الواقع عميلاً ستالينياً. وفي السنوات الخمس الماضية، ألقت أدلة إضافية، خضعت للمراجعة في المدرسة، ضوءاً جديداً على دور سيلفيا أجيلوف، التي استُخدمت علاقتها الشخصية مع رامون ميركادر لتسهيل اغتيال تروتسكي.

ثمة صلة مباشرة وملحة بين النضال من أجل الأمن بالوضع السياسي الراهن. اختُتمت المدرسة الصيفية لعام 2025 التي نظمتها حركة المساواة الاشتراكية قبل أيام قليلة من نشر ترامب للجيش في شوارع واشنطن العاصمة، وهي مرحلة حرجة في المؤامرة المستمرة لإقامة ديكتاتورية فاشية في الولايات المتحدة. هذا الاعتداء على الحقوق الديمقراطية جزء من توجه عالمي، تكشف بالتزامن مع الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، وحرب الولايات المتحدة وحلف الناتو ضد روسيا، والاستعدادت المتصاعدة للحرب ضد الصين. في كل بلد، تسعى الأوليغارشية الحاكمة إلى تنفيذ برنامج ثورة اجتماعية مضادة، يهدف إلى تدمير مستويات معيشة الطبقة العاملة وحقوقها.

في الوقت نفسه، تتطور معارضة جماهيرية في الطبقة العاملة وبين الشباب، مدفوعةً بتفاقم أزمة الرأسمالية. إلا أن المسألة الحاسمة تكمن في القيادة. ويرتبط بناء هذه القيادة ارتباطاً وثيقاً باستعراض تاريخ الحركة الاشتراكية، بما في ذلك الدروس الاستراتيجية المستفادة من تحقيق 'الأمن' و'الأممية الرابعة'. وستشكل الأدلة التي خضعت للمراجعة في المدرسة أساساً للمحاضرات والاجتماعات التي ستُعقد في الأشهر المقبلة لإحياء الذكرى الخامسة والثمانين لاغتيال تروتسكي، ولتعميق الدروس السياسية المستفادة من النضال لكشف الحقيقة.

ندعو جميع قراء موقع 'الاشتراكية العالمية' إلى دراسة محاضرات المدرسة الصيفية 'SEP 2025' بعناية، والتي ستُنشر في الأسابيع المقبلة، كتحضير أساسي للنضالات السياسية الدائرة حالياً في الولايات المتحدة وحول العالم.

Loading